كفاح المرأة النايلية
من إعداد : مريم براهيمي
كل الحقوق محفوظة لمجلة النايلية
لـطالما كانت المرأة الجزائرية عنصرا فعالا إبّان الثورة التحريرية ، تقف الى جانب الرجل تسانده إيمانا بواجبها الوطني وان كان التاريخ الجزائري سلط الضوء على الكثير من حرائر الجزائر الثوريات إلا أن الأقلام ركزت في تدوينها غالبا على مجاهدات الشمال الجزائري (الحضر) و همَّشت الكثير من الأسماء النسائية التي كانت لها مواقف ثورية في جنوب الجزائر باعتبارها منطقة ريفية وبدوية و أن العادات و التقاليد كانت تسيطر على حركة المرأة خارجا ، إلا أن العديد من الشهادات الحية التي ذكرت فيما يتعلق بكفاح المرأة بالولاية السادسة أكدت أن المرأة الجزائرية في الجنوب قامت بدورها الوطني و منطقة الجلفة تحديدا شهدت على أداء الواجب الوطني للمرأة ، وهذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه في هاته الورقة التاريخية .
جهاد المرأة النايليلة :و بهذا الحديث عن نماذج جهاد المرأة الجزائرية بشكل عام فان كفاح المرأة بولاية الجلفة لا يقتصر عن كفاح المراة الجزائرية و إن إختلفت في طبيعة الجهاد الا أن الهدف واحد وهو : نيل الحرية والاستقلال .
وطبيعة جهاد المرأة بولاية الجلفة كانت تأخذ طابعا أثرت فيه العادات و التقاليد فكانت غالبية المجاهدات وممن بحثن عنهن و عن تاريخهن ذات طابع بدوي أو ريفي و غالبيتهن كن يقطن في القرى و البوادي ونحن نعلم ان الثورة انطلقت من رحم القرى و البوادي و قليلا ماكانت المرأة بمنطقتنا تحسن القراءة والكتابة نظرا لسياسة التجهيل التي مارستها فرنسا آنذاك إلا مع حالات استثنائية .
مساعدة المرأة النايلية للمجاهدين : حيث كانت المرأة النايلية تقوم بإستقبال المجاهدين ببيتها و تحضير الطعام و الشراب و ترقيع اللباس و حفظ الاسلحة و المواد الغذائية في أماكن مخصصة من البيت حتى لا يكتشفها العدو و لنا في هذا المثال المجاهدة "طهيري خيرة" و هي زوجة الشهيد"عبد اللاوي لخضر" حيث تقول إبنتها (أتذكر أن أمي كانت دائما تحضر الغذاء و اللباس للمجاهدين و كان عمري آنذاك 7 سنوات عندما كنا في منطقة الشارف و حتى عند مجيئنا لـلجلفة ظلت أمي تخدم الثورة بعد ان إلتحق والدي بالجبل واتذكر عندما دخل علينا جنود فرنسا و اقتحموا البيت للبحث عن والدي في جانفي 1962 و عن اوراقه و اوراق بعض زملائه فكانت أمي قد خبئت هاته الاوراق تحت الأرض في أماكن مخصصة ).
كانت المرأة النايلية فدائية : تستهدف مراكز العدو و الثكنات و الأماكن التي يجتمع فيها الجنود الفرنسيون و معروف ان العمليات الفدائية من أصعب العمليات و هنا نذكر المجاهدة "طعبة خيرة" التي قامت بالكثير من العمليات ضد قوات الاحتلال الفرنسي و هي من بين المجاهدات التي ظلمها التاريخ كثيرا ، فقد كانت أيضا رئيسة مركز ومسؤولة عن 10 جنود و وصفت بـ "جميلة بوحيرد" الجلفة ، نظرا لقوتها و دهائها و شجاعتها و قد عذبت أشد تعذيب عندما ألقت عليها القوات الفرنسية القبض،واستشهدت ولم تعترف لهم بأي معلومة تفيد قوات العدو.
كانت المرأة النايلية ممرضة : المرأة النايلية و بشهادة الكثير من المجاهدات ساهمت في التمريض و معالجة الجرحى وإسعافهن أيضا و إن كان الأمر يحتاج الى تدريبات حثيثة فليس من السهل ممارسة التمريض ، إلا أن المرأة النايلية و أثناء كفاحها دخلت مجال التمريض ولنا في هذا المثال المجاهدة "لطرش فطوم" وإن لم تمارس مهنة التمريض بشكل فعلي إلا انها تعلمت بعض مبادئها من زوجها الممرض"بوهلال لخضر" الذي كان يسعف الجنود و ساهمت معه في الإسعاف حسب شهادتها .
كانت المرأة النايلية مسبلة : و من بين المهام التي قامت بها المرأة النايلية أثناء الثورة و التي لا تقل أهمية عن سابقاتها عملها كمسبلة تقوم بالاتصال بين جبهة التحرير الوطني والمجاهدين أثناء عملياتهم الفدائية و إخفاء السلاح و حمل العتاد و الوثائق السرية لتسلمها الى مسؤوليها
جهاد المرأة الجلفاوية بلغة الأرقام : إذا كان الباحث يتأسف على غياب بعض أسماء المجاهدات في الولايات الكبرى كالولاية الأولى والثانية والثالثة فماذا عن الباحث الذي يفتّش عن أسماء الولاية السادسة الغائبة تماما عن الساحة التوثيقية وليس ساحة الثورة، التي لا شك فيها أن المرأة في ولايات الجنوب قد ساهمت كغيرها من الجزائريات في مقاومة الاستعمار، لكن تبقى معضلة كتابة التاريخ بالولاية السادسة والمنطقة الثانية خاصة التي تعج بأحداث بالغة الأهمية سجينة الجهل،وربما المرأة في ولايات الجنوب تمتاز بكونها امرأة ريفية أكثر منها مدنية كغيرها من أخواتها في الشمال؛ وهذا راجع إلى الطبيعة المحيطة بها؛ مما قد يصعّب إحصاء المجاهدات والشهيدات اللواتي عملن في الأرياف؛ مساندةً للثورة الجزائرية في مختلف الأشكال مسبّلات … فدائيات. و هناك إحصائية عامة تقول أن عدد المجاهدات اللواتي إلتحقن بصفوف الثورة المسلحة مابين سنة 1956حتى سنة 1958 بلغ حوالي 2000 مجاهدة .
وقد كان المركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية قد تحدّث في الملتقى الوطني الأول الذي انعقد حول كفاح المرأة الجزائرية، عن مجموعة من الإحصائيات قدمتها وزارة المجاهدين ظهرت في 15ـ 08ـ 1995 للمجاهدات بمختلف أعمالهن و بلغ عدد المجاهدات في الجزائر حوالي 26102 مجاهدة و كان قد بلغ عدد المجاهدات في الولاية السادسة حوالي 1072 مجاهدة .
حيث ذكرت المدن التي كانت تحت ظل الولاية السادسة إبان الثورة التحريرية، فنجد أن الأغواط قد احتضنت 95 مجاهدة، والمسيلة 433 مجاهدة، والوادي 43 مجاهدة، وتمنراست 36 مجاهدة، وإليزي 3 مجاهدات، وغرداية 58 مجاهدة وبسكرة 287 مجاهدة، أما ورڤلة 19 مجاهدة.
وعن الجلفة فقد قدّمت الإحصائية 3 مجاهدات إنضوين تحت راية جيش التحرير الوطني، 87 مجاهدة عملن تحت لواء O.C.F.L.N في المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني، ومن استشهدن 8 مجاهدات، ليكون المجموع 98 مجاهدة، كلهن في طي النسيان تقريبا.
من شهيدات الجلفة :
رحلة البحث عن بعض أسماء المجاهدات في المنطقة الثانية على وجه الخصوص، انتهت بالوصول إلى بعض اللواتي شاركن في الثورة المجيدة مثل:
الشهيدة بن قويدر خديجة:
وُلدت في 02 جانفي 1938 بالجلفة، ابنة يحيى وفاطنة، التحقت بصفوف الثورة (المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني) 1960، واستشهدت في 29 مارس 1961.
الشهيدة مصيطفى امباركة:
وُلدت سنة 1908 بدار الشيوخ ابنة فرحات ومسعودة، التحقت بصفوف الثورة (المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني) بالناحية الأولى المنطقة الثانية للولاية السادسة، هُيكلت من طرف الشيخ لقليطي، واستُشهدت في 24 نوفمبر 1958.
الشهيدة قويدري فاطنة:
وُلدت سنة 1931 بدار الشيوخ، ابنة بن علية وبختة، التحقت بصفوف الثورة (المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني)، مسبّلة سنة 1959 بالناحية الأولى المنطقة الثانية للولاية السادسة، هُيكلت من طرف السيد رابحي، واستُشهدت في 1961 بالمويلح.
الشهيدة قطاف فريحة:
وُلدت سنة 1914 بأولاد بن علية، ابنة محمد، التحقت بصفوف الثورة (المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني) بصفة مسبلة سنة 1956، واستُشهدت في نفس السنة بمناعة.
الشهيدة روام فطوم:
وُلدت سنة 1943 بالزعفران، ابنة زيان وزينب، التحقت بصفوف الثورة بالمنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني بصفة مسبلة سنة 1959 بالناحية الأولى المنطقة الثانية للولاية السادسة. قدّمت الشهيدة عدة مساعدات للجنود، منها جمع المؤونة والسلاح للمجاهدين، واستشهدت سنة 1961.
المراجع و المصادرالمعتمدة :
*كفاح المرأة بولاية الجلفة...تاريخ ونضال من مجلة النايلية
*بعد مرور50 سنة من استقلال الجزائر / تاريخ المرأة الثوري في الولاية السادسة …..أيـــن ؟؟ !! ، مقال منشور بموقع الجلفة انفو
*كتاب كفاح المرأة الجزائرية
*كتاب السجل الذهبي ( جمعية اول نوفمبر )
*شهادات حية مع بعض المجاهدات و المجاهدين بمنطقة الجلفة
*كفاح المرأة بالجلفة …تاريخ و نضال ، ورقة عمل خلال اليوم الدراسي حول ” كفاح المرأة إبان الثورة التحريرية في منطقة الجلفة”،يوم 31/03/2014